أحرم الحجاج
عبدالأمير البلادي

قصيدة : أحـرم الـحـجـاج
للشاعر : المرحوم الشيخ حسن الدمستاني
الرادود : عبد الأمير البلادي
أحـرم الـحـجـاج عـن لـذاتـهـم بعض الشهور ***** وأنا المحرم عن لذاته كل الدهور
كـيـف لا احـرم دأبـاً نـاحراً هدي السرور***** وأنا في مشعر الحزن على رزء الحسين
حـق لـلـشـارب مـن زمـزم حـب الـمصطفى ***** أن يرى حق بنيه حرماً معتكفا
ويـواسـيـهـم والا حـاد عـن باب الصفا ***** وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
فـمـن الـواجـب عـيـناً لبس سربال الأسى ***** واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا
واشـتـعـال الـقـلـب أحزانا تذيب الأنفسا ***** وقليل تتلف الأرواح في رزء الحسين
لـسـت انـسـاه طـريـداً عـن جـوار المصطفى ***** لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا
قـائـلاً يـاجـد رسـم الـصـبر من قلبي عفى ***** ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين
صـبـت الـدنـيـا عـلـيـنـا حاصباً من شرها ***** لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها
هـا أنـا مـطـرود رجـس هـائـم في بَرها ***** تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين
ضـمـنـي عـنـدك يـا جـداه في هذا الضريح ***** علني ياجد من بلوى زماني استريح
ضـاق بـي يـاجـد من فرط الاسى كل فسيح ***** فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين
جـد صـفـو الـعيش من بعدك بالاكدار شيب ***** وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب
فـعـلا مـن داخـل الـقـبـر بـكـاء ونـحيب ***** ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين
انـت يـاريـحـانـة الـقـلـب حـقـيـق بالبلاء ***** انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
لـكـن الـمـاضـي قـلـيل في الذي قد أقبلا ***** فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين
سـتـذوق الـمـوت ظـلـمـاً ظـامـياً في كربلا ***** وستبقى في ثراها عافراً منجدلا
وكـأنـي بـلـئـيـم الاصـل شـمراً قد علا ***** صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين
وكـأنـي بـالأيـامـى مـن بـنـاتي تستغيث ***** سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث
قـد بـرى اجـسامهن الضرب والسير الحثيث ***** بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين
فـبـكـى قـرة عـيـن الـمـصـطفى والمرتضى ***** رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا
بـل هـو الـقـطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا ***** مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين
حـيـن نـبـأ آلـه الـغـر بـمـا قـال الـنـبي ***** اظلم الافق عليهم بقتام الكرب
فـكـأن لـم يـسـتـبينوا مشرقاً من مغرب ***** غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين
وسـرى بـالأهـل والـصحب بملحوب الطريق ***** يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق
فـأتـتـه كـتـب الـكـوفـة بـالعهد الوثيق ***** نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين
بـيـنـمـا الـسـبـط بـاهـليه مجداً في المسير ***** فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير
ان قـدام مـطـايـاهـم مـنـايـاهم تسير ***** ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين
فـعـلا صـهـوة ثـان فـأبـى ان يـرحـلا ***** فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا
قـيـل هـذي كـربـلاءٌ قـال كربٌ وبلا ***** خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين
هـا هـنـا تُـنـتـزع الارواح مـن اجسادها ***** بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها
وبـهـذي تُـحـمـل الامـجـاد فـي اصـفادها ***** في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين
وبـهـذي تـيـأم الـزوجـات مـن ازواجـها***** وبهذي تشرب الابطال من اوداجها
وتـهـاوى انـجـم الابـرار عـن ابـراجـها ***** غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين
وأطـلـتـهـم جـنـود كـالـجـراد الـمنتشر***** مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر
فـاصـطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر **** واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
يـحـسـبـون الـبـيـض اذ تـلـبـس فيض القلل***** بيض انس يتمايلن بحمر الحلل
فـيـذوقـون الـمـنـايـا كـمـذاق العسل ***** شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين
بـأبـي انـجـم سـعـد فـي هبوط وصعود ***** طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود
سـعـدت بـالـذبح والذابح من بعض السعود ***** كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين
بـأبـي أقـمـار تُـمٍ خـسـفت بين الصفاح ***** وشموساً من رؤوس في بروج من رماح
ونـفـوسـاً مـنـعـت ان تـرد الـمـاء الـمباح ***** جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين
عـنـدهـا ظـل حـسـيـن مفرداً بين الجموع ***** ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع
فـانـتـظـى لـلـذب عـنهم مرهف الحد لموع ***** غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين
فـاتـحـاً من مجلس التوديع للأحباب باب ***** فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
مـوصـي الاخـت الـتـي كـانت لها الآداب دأب ***** زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين
أخـت يـازيـنـب أوصـيـك وصـايا فاسمعي ***** انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي
فـاصـبـري فـالـصـبـر من خيم كرام المترع ***** كل حي سينحيه عن الأحياء حين
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل ***** ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
واتـركي اللطم على الخد واعلان العويل ***** ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين
اجـمـعـي شـمل اليتامى بعد فقدي وانظمي ***** اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي
واذكـري انـي فـي حـفـظـهـم طٌـل دمـي ***** لـيتني بينهم كالانف بين الحاجبين
أخـت آتـيـنـي بـطـفـلـي أره قـبل الفراق***** فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق
يـتـلـوى ظـمـأ والـقـلـب منه في احتراق ***** غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين
فـبـكـى لـمـا رآه يـتـلـظـى بالأوام ***** بدموع هاميات تخجل السحب السجام
ونـحـا الـقـوم وفـي كـفـيـه ذيـاك الـغلام ***** وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين
فـدعـا فـي الـقـوم يـا لـلـه للخطب الفظيع ***** نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع
لاحـظـوه فـعـلـيـه شبه الهادي الشفيع ***** لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين
عـجـلـوا نـحـوي بـمـاء اسـقه هذا الغلام ***** فحشاه من أوام في اضطرام وكُلام
فـاكـتـفـى الـقـوم عن القول بتكليم السهام ***** وإذا بالطفل قد خر صريعاً لليدين
فـالـتـقـى مـمـا هـمـا من منحر الطفل دما ***** ورماه صاعداً يشكوا الى رب السما
ويـنـادي يـا حـكـيـم انـت خير الحكما ***** فجع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين
وأغـار الـسـبـط لـلـجـلـي بـمأمون العثار ***** اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار
يـحـسـب الـحـرب عـروسـاً ولـها الروس نثار ***** ذكر القوم ببدر وبأحد وحنين
بـطـل فـرد مـن الـجمع على الابطال طال ***** أسد يفترس الاسد على الآجال جال
مـالـه غـيـر الـه الـعـرش فـي الاهـوال وال ***** ماسطى في فرقة الا تولت فرقتين
مـالـه فـي حـومـة الـهـيـجـاء فـي الكر شبيه ***** غير مولانا علي والفتى سر أبيه
غـيـر ان الـقـوم بـالـكـثـرة كـانـوا متعبيه ***** وهو ظام شفتاه اضحتا ناشفتين
عـلـة الايـجـاد بـالـنفس على الامجاد جاد ***** ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد
كـم لـه فـيـهـم سنان خارق الاكباد باد ***** وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين
دأبـه الـذب الـى ان شـب في القلب الأوام ***** وحكى جثمانه القنفذ من رشق السهام
وتـوالـى الـضرب والطعن على الليث الهمام ***** وعراه من نزيف الدم ضعف الساعدين
فـتـدنـى الـغـادر الـبـاغي سنان بالسنان ***** طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان
اشـرقـت تـبـكـي عـليه اسفاً حور الجنان ***** وبكى الكرسي والعرش عليه آسفين
مـا دروا اذ خـر عـن ظـهـر الـجواد الرامح ***** أ حسين خر ام برج السماك السابح
ام هـو الـبـدر وقـد حل بسعد الذابح ***** ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين
